شكّل موضوع عودة الاستيطان إلى شمال الضفة الغربية أحد أهم أهداف الحكومة الإسرائيلية الـ 37، وقد اجتمعت كل الأذرع الاستيطانية لتحقيقه، بدءاً بـ "شبيبة التلال" الذين فرضوا الوقائع على الأرض واستوطنوا فيها، مروراً بالجمعيات الاستيطانية الضاغطة التي تعاونت مع الوزراء والنخب الحاكمة لتغيير القوانين وتعديلها، وصولاً إلى الجيش الذي صادق ووفر الحماية للمستوطنين.
"لست مهزوماً ما دمت تقاطع"؛ هذه الجملة مقتبسة بتصرف من الشهيد المفكر مهدي عامل صاحب مقولة "لست مهزوماً ما دمت تقاوم"، ولأن المقاطعة هي أحد أشكال الرفض والمقاومة، فلتكن المقاطعة نهجاً للمضي نحو تعزيز الاقتصاد المقاوم والانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل.
مقدمة
بعد ما يقارب 20 عاماً من انقطاع العلاقات على مختلف أشكالها، اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً، بين طرفَي الخط الأخضر (1948 - 1967)، عادت العلاقات بين فلسطينيي الـ 48 والأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967 من جديد، وخضعت للعديد من العوامل والاعتبارات، أهمها السياسية والأمنية، ونشطت بصورة متزايدة بعد اتفاق أوسلو وبروتوكول باريس الاقتصادي (1994)، لكنها كانت عرضة لإجراءات الإغلاق، والجدار، والمعابر التي كان بعضها يفتح ويغلق لغرض تحكم إسرائيل بالعلاقات الاقتصادية - الاجتماعية على جانبَي الخط الأخضر.
شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي حملة تدميرية في جنين ومخيمها ومخيمي طولكرم ونور شمس، بالتزامن مع حرب الإبادة الجماعية المحتدمة في قطاع غزة، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، طالت مساحات واسعة من البنية التحتية في سياق استراتيجية "كي الوعي" و"القبضة الحديدية" كـ"عقاب جماعي" للمجتمع في هذه المناطق، بعد تصاعد حالة المقاومة المسلحة على شكل مجموعات تتبع للتنظيمات الرئيسية في الغالب، ونفذت سلسلة عمليات خلال الأشهر السابقة على الحرب وخلالها.
شهادة للباحث كريم قرط يسلط فيها الضوء على تصاعد عمليات مصادرة الأراضي في الضفة الغربية بعد 7 تشرين الثاني/ أكتوبر 2023، ويعزي قرط السبب في ذلك إلى حرب الإبادة التي تشن على الشعب الفلسطيني وأرضه، وإلى طبيعة تركيبة حكومة الاستعمار الإسرائيلي المتطرفة، وهذه جزء من رؤية الحكومة الإسرائيلية بمصادرة الأراضي بحجة أنها أراضي دولة، وقد شهد عام 2024 أعلى نسبة مصادرة منذ بدء عمليات المصادر وفق هذا المسوغ في سبعينيات القرن الماضي.
شهادة يسرد فيها الأكاديمي إبراهيم ربايعة قضية استهداف المخيمات في السنوات الماضية قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وبعدها، ويشير إلى إن استهداف المخيمات في شمال الضفة الغربية تحديدا هو استهداف لرمزية المخيم ومكانته السياسية، وهو محاولة استعمارية لتحويل المخيم من بيئة حاضنة للفعل الفلسطيني إلى بيئة طاردة.
كانت الارض والديموغرافيا دوماً في صُلب النزاع بين المستوطنين الكولونياليين الصهيونيين وأهل الأرض الفلسطينيين. واليوم، يعترف معظم الباحثين بأن "منطق الإلغاء" والاقتلاع والاستيلاء على الأرض، وخلافاً لما كان عليه الأمر في الكولونيالية الأوروبية التقليدية في آسيا وأفريقيا، والتي كانت ترمي إلى استغلال السكان الأهليين، كان في صلب الاستيطان الكولونيالي. فقد استمر الاستيطان الكولونيالي الصهيوني في فلسطين في التوسع من دون أن يفتر حتى يومنا هذا، بحيث أوجد مئات البؤر الاستيطانية على امتداد الضفة الغربية.
تحولت القدس إلى الرمز الأكثر مركزية في الصراع على مستقبل فلسطين، وكلا طرفي الصراع ساهم في ذلك. فالجانب الإسرائيلي أعلن "وحدة المدينة"، منذ حزيران/يونيو 1967، كما ألحق ذلك في تموز/يوليو 1980 بقانون أساس، له صفة دستورية ينص على أن "القدس الموحدة والكاملة عاصمة لدولة إسرائيل"، ناقلاً إليها أهم المؤسسات التشريعية والإدارية والقانونية، وطالباً من العالم نقل السفارات من تل أبيب إلى القدس، اعترافاً بها كعاصمة لدولة إسرائيل، ومصادراً الأغلبية العظمى من أراضيها (نحو 87%)، ومشيداً عدداً كبيراً من المستعمرات على أراضيها.
Pagination
- Previous page
- Page 6
- الصفحة التالية